مواضيع مهمة

سايس24
بتاريخ : الأربعاء، 16 أكتوبر 2013

مصر تزداد انقساما في ذكرى حرب أكتوبر





51 قتيلا و268 مصابا خلال مظاهرات اليوم الأول بعد المائة لأنصار مرسي، والمؤيدون لعزله يحتفلون بعروض فنية وغنائية. بينما كان أحد مؤيدي الرئيس المعزول محمد مرسي يرفع جزءا من أشلاء صديقه الذي لقي حتفه برصاصة قاتلة في رأسه،



كان هناك من يرفع علم مصر على أنغام الموسيقى، وسط رقص وغناء في ميدان التحرير بقلب القاهرة، ليستمر المشهد المنقسم بين المصريين في الاحتفالات بحرب 6 أكتوبر، الأحد، للمرة الأولى منذ حرب 1973، وذلك بالتزامن مع اليوم الأول بعد المائة من احتجاجات أنصار مرسي.

وازداد مشهد الساحة المصرية المنقسمة تعمقا في اليوم الـ101 من الاحتجاجات المتواصلة من يوم 28 من شهر يونيو الماضي، يضاف إلى ذلك إطلال العنف برأسه مجددا خلال شهر سبتمبر وأول أكتوبر، مقارنة بما حدث في أغسطس الماضي.

فقد أسفرت اشتباكات بين قوات الأمن المصرية وأنصار للرئيس المعزول في عدة محافظات الأحد عن مقتل 51 شخصا وإصابة 268 آخرين، بحسب وزارة الصحة المصرية. وبينما اتهم مصدر في وزارة الداخلية مؤيدي مرسي بارتكاب أعمال عنف، طالب حزب الحرية والعدالة، المنبثق عن جماعة الإخوان المسلمين، المنتمي إليها الرئيس المعزول، بتحقيق دولي في ضحايا مظاهرات يوم 6 أكتوبر.

وعلى مسافة تقل عن 2 كيلو متر تفصل بين ميداني الدقي والتحرير، كان المشهد على طرفي نقيض، الأول جثث لقتلى خلال المظاهرات مؤيدين لمرسي، بينما غمرت الثاني الأغاني والرقصات الشعبية وغناء لفنانيين مصريين، وسط حشود في التحرير عبرت عن فرحتها بذكرى حرب أكتوبر التي تمكن فيها المصريون من استعادة السيطرة على المجرى الملاحي العالمي لقناة السويس من إسرائيل عام 1973.

ولم تغب مسيرات أنصار الرئيس المعزول عن مشهد الاحتفال بالذكرى الـ 40 لحرب أكتوبر 1973، والذي أقيمن في ميدان التحرير، وسط القاهرة.

ورغم الأغاني والرقصات الشعبية التي عبر بها مواطنون عن فرحتهم، إلا أن هذه الفرحة كانت ممزوجة بحالة من القلق، بعد أن أعلن أنصار مرسي السبت نيتهم دخول الميدان للاحتفال أيضا، ولكن بشعار وأهداف مختلفة ضد ما يعتبرونه “انقلابا عسكريا”، ولكن تشديد القبضة الأمنية حال دون وصولهم، حيث اندلعت اشتباكات قرب الميدان سرعان ما سيطر عليها الأمن.

وأصيب مصورا وكالة الأناضول للأنباء، علاء أمين، وأحمد السيد، خلال تصويرهما تلك لاشتباكات التي استخدمت فيها قوات الأمن القنابل المسيلة للدموع بغزارة؛ ليغطي دخانها سماء القاهرة، ما أدى إلى إصابة العشرات بحالات اختناق.

وهدفت المسيرات، التي حملت شعار “القاهرة عاصمة الثورة”، إلى الوصول إلى ميدان التحرير باعتباره أكبر مركز للمظاهرات في البلاد، والتظاهر بداخله للمطالبة بإنهاء ما يصفونه بـ “الانقلاب العسكري”، في حين أحاطت قوات الأمن الميدان بإجراءات أمنية مشددة و”غير مسبوقة”.

كما حلقت عدد من الطائرات المروحية التابعة للقوات المسلحة، أعلى سماء لتحرير، وألقت الآلاف من كوبانات الجوائز على المحتشدين بالميدان والتي تنوعت ما بين أجهزة منزلية وكهربائية وغيرها.

كان المشهد المتناقض ذاته حاضرا مع استمرار المظاهرات وسقوط المزيد من القتلى، حيث هيمنت العروض الفنية والغنائية على الاحتفالات الرسمية بذكرى حرب أكتوبر، حيث شارك في أوبريت غنائي باستاد الدفاع الجوي شرقي القاهرة، بعيدا عن مناطق التوتر التي تشهدها عدة مناطق بالعاصمة، فنانون مصريين وعرب.

وحضر الاحتفالية، كل من الرئيس المصري المؤقت، عدلي منصور، ووزير الدفاع، القائد العام للجيش، الفريق أول عبد الفتاح السيسي، إضافة إلى مسئولين من دول عربية. كما حضرها وزير الدفاع المصري السابق، محمد حسين طنطاوي، الذي أقاله مرسي في أغسطس/آب الماضي، فيما غاب عنها رئيس أركان حرب الجيش المصري السابق، الفريق سامي عنان، الذي ترددت أنباء عن خوضه انتخابات الرئاسة المصرية (لم يتحدد موعدها بعد).

وحضرتها أيضا جيهان السادات، أرملة الرئيس الراحل، محمد أنور السادات (رئيس مصر خلال حرب 1973)، التي غابت عن احتفال العام الماضي، الذي دعا إليه مرسي، معللة ذلك بأن مرسي دعا “قتلة السادات إلى تلك الاحتفالية”.

وشهد اليوم الأول بعد المائة لمظاهرات أنصار مرسي، إعلان مصدر أمني عن إلقاء قوات الشرطة القبض على 600 من أنصار الرئيس المعزول؛ بتهمة القيام بأعمال عنف في القاهرة وعدد من المحافظات المصرية، على خلفية مظاهرات 6 أكتوبر.

فيما وصف مجدي سالم القيادي بـ”التحالف الوطني الوطني لدعم الشرعية ورفض الانقلاب”، المؤيد للرئيس المعزول، مظاهرات الأحد بأنها “ثورة حقيقية على الإنقلاب”.

ولاحقا، دعا “التحالف”، طلاب مصر في جامعاتها ومدارسها إلى التظاهر يوم الثلاثاء القادم؛ تنديدا بـ “استمرار المجازر ضد المصريين”، كما “دعا جماهير الشعب إلى التظاهر في ميدان التحرير (وسط القاهرة) الجمعة المقبل. وفي بيان له مساء الأحد، قال إنه “يبدو أن السادس من أكتوبر سيظل دائما يوما يحمل الدلالة على عظمة الشعب المصري.. وقدرته الدائمة على التضحية والبذل من أجل قضاياه العادلة.. فكما قدم في عام 73 الشهداء من أجل تحرير تراب الوطن واستعادة كرامته.. فها هو يقدم اليوم شهداءه من أجل استعادة حرية الوطن وكرامة أبنائه”.

وتزامن ذلك المشهد المنقسم، مع إعلان رئيس “حركة نريد السيسى رئيسا” المصرية، عبد العزيز عبد الله حماد، أن الحركة جمعت ثلاثة ملايين توقيع من مواطنين لتكليف وزير الدفاع، القائد العام للجيش، الفريق أول عبد الفتاح السيسي، بالترشح للانتخابات الرئاسية المقبلة.

واختتمت فعاليات الاحتفالات الرسمية بذكرى حرب 6 أكتوبر الأحد بكلمة للسيسي، في استاد الدفاع الجوي، قال فيها إن “الجيش المصري مثل الهرم لن ينكسر”، وإن “الشعب المصري لا يمكن أن ينسى من يقف معه، ولا ينسى من يقف ضده”.

وعلى خلفية المشهد المنقسم، دعا أستاذ علم الاجتماع السياسي بجامعة القاهرة، إبراهيم البيومي غانم، السلطة الحاكمة في مصر إلى طرح مبادرة للمصالحة بينها وبين جماعة الإخوان المسلمين، لتجنيب البلاد الدخول في حرب أهلية حقيقية.

وقال غانم في تصريحات للأناضول عبر الهاتف إن “مشهد اليوم يشير إلى أن البلاد تؤخذ عنوة نحو الدخول في حرب أهلية، لذا على السلطة الحالية أن تبادر الآن بأخذ خطوات سريعة لمنع ذلك من خلال طرح مبادرة جادة للحوار الوطني مع التحالف الوطني لدعم الشرعية والمؤيد لعودة مرسي”. ووصف المشهد بـ”حالة الإنسداد السياسي الكامل بين قوتين لا يُراد لهما أن يلتقيا”. فيما رأي عبد السلام نوير، استاذ العلوم السياسية بجامعة أسيوط (جنوب مصر) أن الرسالة التي بعثت بها مسيرات أنصار مرسي الأحد في الذكرى الـ 40 لحرب 6 أكتوبر هي أنهم ماضون في الضغط على السلطة الحاكمة في مصر باستخدام سلاح “التعطيل والإنهاك”، الذي سبق واستخدمه معارضو مرسي، خاصة “جبهة الإنقاذ”.

إلا أنه اعتبر أن “الرهان على إسقاط السلطة الحاكمة باستخدام نفس سلاح ثورة 25 يناير 2011 (التي أطاحت بالرئيس الأسبق حسني مبارك)، وهو الضغط الجماهيري، رهان خاطىء، لأن أسباب نجاح هذا الضغط هو رغبة الجيش في انهاء مشروع توريث مبارك الحكم لنجله، ولكن الآن السلطة هي الجيش”.

وانطلاقا من هذه القناعة، رأى نوير أن المسيرات التي نظمها أنصار مرسي الأحد ”لن تغير شيئا على أرض الواقع بشكل فوري”، مستدركا “لكنها تشبه ما كانت جبهة الإنقاذ تفعله طوال عام من حكم مرسي من انهاك وتعطيل للحياة بهدف ارباك الوضع الاقتصادي، وارسال رسالة لمرسي أنك لن تستطيع أن تمضي وحدك، كما أنها تجعل – أيضا – شرعية النظام الحاكم محل شك”.

وكان السيسي، وبمشاركة قوى سياسية ودينية، أطاح بالرئيس محمد مرسي، المنتمي إلى جماعة الإخوان المسلمين. ويؤيد قطاع من المصريين ما أقدم عليه قائد الجيش؛ بدعوى أن أول رئيس مدني منتخب منذ إعلان الجمهورية في مصر عام 1953، فشل في إدارة شؤون البلاد.

بينما يعتبر قطاع آخر من المصريين الإطاحة بمرسي “انقلابا عسكريا”، ويشارك هؤلاء في احتجاجات يومية تطالب بعودة الرئيس المعزول إلى منصبه.

التعليقات

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

صوت وصورة

copyright © 2017 جميع الحقوق محفوظة لـ city